الإمارات تدعم الجهود العالمية للحد من تغير المناخ
أكدت الإمارات التزامها بدعم الجهود العالمية للحد من تغير المناخ، مشددة على ضرورة تكثيف التعاون الدولي لإعادة الزخم إلى الاقتصاد العالمي لمحاصرة تداعيات «كوفيد 19».
وشدد المشاركون في فعاليات الدورة الخامسة من منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي، الذي انعقد افتراضياً في أبوظبي، ضمن فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة على أهمية توحيد الجهود لتسريع التعافي الاقتصادي العالمي في مرحلة مابعد «كورونا».
وأكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها، على قوة العلاقات الثنائية الاستراتيجية التي تربط بين الإمارات والولايات المتحدة موضحاً خلال جلسة تفاعلية مع آموس هوشتاين، المبعوث الأمريكي الخاص والمنسق السابق لشؤون الطاقة الدولية في الولايات المتحدة ، أن الإمارات وأمريكا، تربطهما علاقات متينة، تقوم على المبادئ والقيم المشتركة والمصالح الاستراتيجية، معرباً عن تفاؤله بشأن تعزيز العلاقات التجارية في مختلف القطاعات.
وقال الجابر: «تمتلك الإمارات والولايات المتحدة علاقات ثنائية وثيقة، ومتعددة الجوانب، تشمل الشؤون الدبلوماسية، والأمن والطاقة والتجارة والثقافة. ويمتلك البلدان نظرة متماثلة، حول أهمية تحقيق السلم، وتوفير الفرص، وتمكين النمو والازدهار. ويعد توقيع معاهدة السلام الإبراهيمية، مثالاً على ذلك، حيث تم بدعم من الدبلوماسية الأمريكية، ولأول مرة، مد جسور التواصل والتعاون بين إسرائيل ودول الخليج. ولا شك أن الاتفاقية تسهم في إتاحة فرص النمو الاقتصادي للمنطقة بأسرها».
وأضاف: «تمتلك دولة الإمارات علاقات استراتيجية قوية مع الولايات المتحدة في مجال الطاقة، وفيما يستعد كل من البلدين الصديقين لمرحلة ما بعد كوفيد، أعتقد أن هنالك فرصاً عديدة لتعزيز التعاون والشراكة في مختلف مجالات وجوانب قطاع النفط والغاز، والعديد من القطاعات الأخرى. ولدينا حالياً اتفاقيات امتياز وشراكات استراتيجية في مجال الاستكشاف، مع عدد من الشركات الأمريكية، من بينها «إكسون» و«أوكسي» و«بيكر هيوز». وهناك أيضاً فرص لتعزيز التعاون في مجال إنتاج النفط والغاز من الموارد غير التقليدية، التي نعمل على استكشاف المزيد منها في أبوظبي».
وتابع: «هناك المزيد من الفرص للاستفادة من التعاون الثنائي في مجال تقنيات تعزيز استخلاص النفط، ومصادر الطاقة الجديدة، مثل الهيدروجين وتقنيات التقاط الكربون، وكذلك في مجال الطاقة النظيفة، والتي يمكن أن تقدم حلولاً عملية لتحديات ظاهرة التغير المناخي.
وأضاف أنه إلى جانب التعاون في قطاع الطاقة، وفي ضوء تركيز دولة الإمارات على تنويع اقتصادها، هناك المزيد من فرص الاستثمارات المحتملة في قطاع الصناعات الحديثة في دولة الإمارات، مثل التكنولوجيا الحيوية، وقطاعات الصحة والتكنولوجيا الزراعية، خاصةً أن العديد من الشركات الاستثمارية وصناديق الاستثمارات الخاصة، تنظر إلى دولة الإمارات، باعتبارها وجهة أعمال آمنة وموثوقة ومثالية للمستثمرين ورواد الأعمال.
ودعا إلى الاستثمار الذكي في مصادر الطاقة الجديدة، لخلق مزيج متنوع من مصادر الطاقة، موضحاً نهج دولة الإمارات في هذا المجال، ضمن جهودها لتحقيق التنمية المستدامة والتصدي لتداعيات تغير المناخ.
وأوضح سلطان الجابر أن للإمارات مساهمات إيجابية عديدة في إيجاد حلول للعديد من التحديات العالمية، بما فيها تداعيات تغير المناخ. وقامت قيادتنا الرشيدة بإطلاق «مصدر» قبل 15 عاماً، لتصبح اليوم مركزاً مهماً للتكنولوجيا النظيفة، والطاقة المتجددة في دولة الإمارات والعالم، ومقراً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة آيرينا، موضحاً أن «مصدر» تمتلك اليوم استثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة في 30 دولة حول العالم، بما فيها دولة الإمارات، فنحن نؤمن بالأفعال، ورأينا على مدى السنوات الماضية، كيف يمكن للاستثمار الذكي في تنويع مزيج الطاقة، أن يؤتي ثماره.
اتفاقية باريس
وأكد التزام الإمارات بالحد من تداعيات تغير المناخ، مشيراً إلى أن الإمارات كانت أول دولة في المنطقة توقع على اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، والأولى التي تلتزم بخفض الانبعاثات على مستوى جميع القطاعات، وذلك في أعقاب تسليمها ثاني مساهماتها المحددة وطنياً، بشأن تغير المناخ إلى الأمم المتحدة».
وشدد على أن التعاون والشراكة بين الدول وبين القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك قطاع النفط والغاز، تمثل عاملاً مهماً لتحقيق أهداف اتفاقية باريس، مضيفاً أنه يجب أن يكون قطاع النفط والغاز، في صلب الحوار حول تغير المناخ، وأن القطاع يلعب دوراً مهماً في الانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون، لافتاً إلى أن العالم سيبقى بحاجة إلى النفط والغاز لعقود عديدة قادمة، كما أشار معاليه إلى أن الإمارات، تستثمر في خفض انبعاثات الكربون في عملياتها في قطاع النفط.
وقال سلطان الجابر: «تمتلك دولة الإمارات ميزة مزدوجة في هذا المجال، فقد أرست قيادتنا الرشيدة مبادئ الريادة البيئية، كجزء أساسي من اقتصادنا. ولدينا أيضاً ميزة طبيعية، جعلت موارد النفط والغاز لدينا، من الأقل عالمياً بالنسبة للانبعاثات الكربونية. ونحن نعمل على تعزيز هذه المكانة، من خلال خفض كثافة مستويات انبعاثات الكربون بنسبة 25 % إضافية، على مدى السنوات العشر المقبلة، من خلال تعزيز الكفاءات، وتوسيع المنشأة التي أقمناها لالتقاط واستخدام وتخزين ثاني أكسيد الكربون، والتي تعد الأولى والأكبر في المنطقة».
وأوضح أن الإمارات تستكشف آفاق الوقود المستقبلي، مثل الهيدروجين، الذي يمكن أن يحدث تحولاً في قطاع الطاقة. وقال معاليه إن أدنوك تنتج حالياً نحو 300 ألف طن من الهيدروجين سنوياً، كجزء من عملياتها الصناعية، وهي تستكشف الفرص التجارية في هذا المجال، في أسواق آسيا وأوروبا، وذلك لوضع دراسة جدوى تمكنها من أن تصبح مورّداً رئيساً للهيدروجين الأزرق.
وتبادل معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر الآراء ووجهات النظر حول كيفية تحقيق التوازن بين ضرورة تحقيق التنمية الاقتصادية في الاقتصادات الناشئة، والحاجة لاتخاذ إجراء عالمي إزاء تغير المناخ، وقال معاليه: «باعتقادي، أنه يمكننا تسريع وتيرة التقدم بشأن أهداف تغير المناخ، وضمان تحقيقها إذا تجنبنا تصميم سياسات موحّدة، تتبع نفس النهج، حيث ينبغي أن تأخذ الجهود العالمية للحد من تغير المناخ في الاعتبار، تفاوت معدلات التنمية الاقتصادية في جميع أنحاء العالم».
وقال معالي سهيل المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية: إن العالم يطمح لتسريع تحول الطاقة نحو مستقبل منخفض الكربون، ويسعى إلى تقليل الانبعاثات، وأننا في دولة الإمارات، نسعى لتخفيض البصمة الكربونية، من خلال تنفيذ استراتيجية الطاقة 2050، والتي تستهدف خفض ثاني أكسيد الكربون في الدولة بواقع 70 %، ولذلك، من الضروري أن يضمن هذا التحول أيضاً، الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية المستمرة المتنامية لكل سكان العالم، ونحن ندعم بقوة هذا التوجه.
واستعرض الدور المتنامي لقطاع النفط والغاز، خلال العقود المقبلة، لتغطية الطلب المتزايد، وضمان إمدادات موثوقة، وبأسعار معقولة، مؤكداً أن دولة الإمارات، تحرص على تنويع مصادر الطاقة، لمواكبة الطلب المتزايد، حيث تبنت التنويع بين المصادر التقليدية للطاقة، والتي تشمل النفط والغاز، وعقد اتفاقات وشراكات دولية، لتبني أفضل الممارسات، ما يسهم في تبني حلول مستدامة للطاقة المتجددة، والحد من الآثار الجانبية على البيئة.
وأكد أهمية الدور المتنامي لتقنية التقاط واستخدام وتخزين الكربون، في الحد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، لافتاً إلى أن مشروع «الريادة» المشترك بين شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، يبرهن على أن تقنية التقاط وتخزين الكربون، تمثل حلاً تجارياً مجدياً، للحد من الانبعاثات الصناعية لغاز ثاني أكسيد الكربون.
وشهد «منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي»، جلسة خاصة، تناولت موضوعات حول الطاقة النووية، الهيدروجين والتدفئة وتحلية المياه.
وتناول محمد الحمادي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، التقدم النوعي الذي أحرزته دولة الإمارات خلال عام 2020، في ما يخص إنتاج الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة.
وقال الحمادي: «عند الحديث عن مجال الطاقة النووية، لا بد أن نتحدث عن الأمان»، مشيراً إلى أن عام 2020، شكل تحدياً كبيراً لدولة الإمارات، وخاصة مع انتشار فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد 19) وتأثيراته.
وأضاف أن برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية، ساهم بشكل مباشر في خفض الانبعاثات الكربونية.
وأوضح أن التجديد والتطوير، أحد الأساسيات المهمة التي تتعلق بالطاقة، مشيراً إلى أن الطاقة المتجددة، تحتاج إلى نوعية خاصة في التعامل معها، وخاصة عند التخزين، أو في النواحي التجارية والاقتصادية.
خطة واضحة
وأكد سيث غراي الخبير في الطاقة، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة «Lightbridge»، أن دولة الإمارات لديها خطة واضحة في قطاع الطاقة.
وأفاد سيمون آيرش الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الأرضية، بأن الإمارات شهدت إنجازات كبيرة، وخاصة في مشروعات الطاقة النووية السلمية، مشيراً إلى أن التكنولوجيا تقدم لنا أشياء يمكن استغلالها، ويجب علينا التركيز على التطبيقات المختلفة في المجالات الصناعية، وهناك انبعاثات حرارية وكربونية، لتقليل درجة حرارة الأرض.
وتحدثت شانون براج سيتون، الباحثة في مجال الطاقة، عن دور الطاقة في جميع القطاعات بما فيها المواصلات. والفرص الخاصة من توليد الطاقة من المفاعلات النووية، وكذلك استغلال الطاقة في توليد الهيدروجين وتحلية مياه البحر.
وتناولت كريستي غوغان المؤسس المشارك، المدير التنفيذي للطاقة من أجل الإنسانية، كيفية تقليل درجة حرارة كوكب الأرض، من أجل الأجيال القادمة، والتخلي عن الوقود الأحفوري قبل 2030.
قادة وخبراء
ينعقد «منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي» هذا العام، افتراضياً، من 19 – 22 يناير الجاري، بالتعاون مع وزارة الطاقة والبنية التحتية.
ويجمع المنتدى عدداً من القادة والخبراء في مجالات السياسة والصناعة والطاقة والفكر، على المستويين الدولي والإقليمي، لمناقشة الآثار الجيوسياسية والجيواقتصادية بعيدة المدى لمتغيرات منظومة الطاقة.
التعليقات مغلقة.