الإمارات: إلغاء تجريم الشيك من دون رصيد يناير المقبل
يبدأ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ووزارتا الاقتصاد والعدل تطبيق التعديلات الجديدة على قانون المعاملات التجارية بشأن إلغاء تجريم الشيك من دون رصيد والتعديلات المتعلقة بالوفاء الجزئي للشيك وتشديد الجزاءات الإدارية عن إصدار الشيك من دون رصيد الصادرة بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (14) لسنة 2020 اعتباراً من 2 يناير 2022.
وأكد معالي عبد الله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، أن إلغاء تجريم الشيكات من دون رصيد بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (14) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون المعاملات التجارية، يمثل خطوة جوهرية في تطوير وتعزيز مرونة التشريعات المنظمة للعمل الاقتصادي وأنشطة الأعمال والتجارة والاستثمار في دولة الإمارات، وترسيخ مبادئ العدالة والإنصاف وتكافؤ الفرص في المعاملات التجارية وبيئة الأعمال في الدولة، وتصب في تمكين الممارسات التجارية السليمة على مستوى الأفراد والمنشآت والمؤسسات.
وأضاف معاليه: «إن نزع الصفة الإجرامية عن الشيك من دون رصيد، واقتصارها على حالات الغش والتزوير وسوء النية، مع إيجاد آليات قانونية أكثر كفاءة وفعالية لتحصيل الشيك، يسهم في الحفاظ على ديناميكية وتنوع الاقتصاد وفعالية النظام القضائي وكفاءة البيئة التجارية في الدولة، من خلال تنشيط وحيوية التعاملات التجارية والحفاظ على الشركات القائمة وخاصة المشاريع الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك عبر مساهمته في تجنب التبعات السلبية لتجريم الشيكات المرتجعة من دون رصيد وتكدس القضايا المرتبطة بها أمام المحاكم، وبالتالي تراكم الديون التي تؤثر سلباً على القطاع المالي والمصرفي والتجاري بشكل عام في الدولة».
تعزيز الثقة في الشيك
من جهته، صرح معالي عبد الله سلطان بن عواد النعيمي وزير العدل أنه في إطار حرص الدولة في الارتقاء بالبيئة والبنية التشريعية والقضائية، بما يدعم تنافسيتها على المستويين الإقليمي والعالمي ويرسخ لجاذبيتها للاستثمارات الأجنبية ويعزز من مرونة الاقتصاد الوطني، وهو ما يحقق رؤية الدولة الاستراتيجية في هذا المجال، تم إدخال تعديلات على قانون المعاملات التجارية الاتحادي وحدت بمقتضاها الإجراءات المنظمة للشيك وإجراءات استحصاله وعقوباته في قانون واحد، حيث تم حصر حالات التجريم في جرائم تزوير الشيكات واستعمالها، وتعمد تحريرها أو توقيعها بصورة تمنع من صرفها، بالإضافة إلى إلغاء التجريم الوارد في قانون العقوبات بشأن إصدار شيكات من دون رصيد أو ما يطلق عليه ظاهرة الشيكات المرتدة أو المرتجعة، على غرار ما ذهب إليه عدد كبير من التشريعات الأجنبية مثل فرنسا والولايات المتحدة الأميركية.
وقال معاليه، أيضاً، إن الشيك يُعد من أهم الأوراق التجارية وأكثرها انتشاراً في العمل، باعتباره يمثل أداة دفع أو تفاوض متعارفاً عليها بدلاً من النقود، ولا يمكن أن يؤدي الشيك دوره كأداة وفاء إلا إذا اطمأن المتعاملون إليه ووثقوا في أن حصولهم عليه مقابل ما لهم من حقوق يعادل الدفع النقدي، والطريقة الوحيدة لتعزيز الثقة في الشيك هي تدعيم حق حامل الشيك وتقوية الضمانات التي تؤكده. وأضاف: من أجل ذلك ذهبت التعديلات التشريعية الأخيرة لقانون المعاملات التجارية إلى وضع بدائل وآليات مستحدثة تضمن تحصيل قيمة الشيك بأسرع وأبسط طريقة ممكنة، ومن ذلك إلزام البنك بالوفاء الجزئي للشيك بعد خصم كامل المبلغ المتوفر لدى مُصدِر الشيك، وجعل الشيكات المرتجعة سنداً تنفيذياً يتم تنفيذه مباشرة من قبل قاضي التنفيذ في المحكمة، بوضع الصيغة التنفيذية على الشيك المرتجع واستحصال قيمته، دون اللجوء إلى طريق الدعاوي القضائية سواء المدنية أو الجزائية، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الثقة بالشيكات باعتبارها ورقة تجارية تتيح الوفاء بقيمتها فوراً.
ونوّه معاليه بأن التعديلات استحدثت عدداً من العقوبات التبعية، منها سحب دفتر الشيكات من المحكوم عليه ومنع إعطائه دفاتر جديدة لمدة أقصاها 5 سنوات، ووقف النشاط المهني أو التجاري للمحكوم عليه.
وأكّد معاليه أن التعديلات المستحدثة جميعاً سوف تؤدي إلى تيسير إجراءات التقاضي وتلافي تراكم قضايا الشيكات أمام النيابات العامة والمحاكم الجزائية والمدنية، وتوفير إهدار الجهد والمال، وهو ما يتفق مع سياسة الدولة وتوجيهاتها في هذا الشأن.
أفضل الممارسات الدولية
أكد المصرف المركزي أن التعديلات الجديدة تتماشى وتتفق مع خطة الحكومة ومبادراتها الاستراتيجية الرئيسية لدعم القطاع الاقتصادي وبناء اقتصاد وطني مستدام يرتكز على أفضل المعايير والممارسات الدولية، مما يساهم في رفع مؤشرات التنافسية الدولية في هذا المجال.
وقال معالي خالد محمد بالعمى، محافظ المصرف المركزي: إن هذه التعديلات تتماشى أيضاً مع مبادرات وخطط المصرف المركزي الاستراتيجية للارتقاء المستمر بالقوانين والأنظمة المصرفية لمواكبة التطورات وسد الفجوات القانونية وأوجه القصور لتحقيق رؤية المصرف المركزي بالتوافق مع أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال. وأضاف: من شأن هذه التعديلات أن تساعد في تسهيل المعاملات التجارية والمصرفية وتنظيمها وتبسيط إجراءات تحصيل قيمة الشيك والوفاء به وجعلها أكثر مرونة.
وأوضح معاليه أن التعديلات الجديدة تحد من السلبيات التي كشف عنها الواقع العملي للتعامل بالشيك مقارنة بأفضل وأنجح الممارسات الدولية، وترسخ مبادئ العدالة من خلال تحقيق التوازن بين مصلحة المستفيد/الحامل للشيك في اقتضاء حقه بأسرع طريقة ممكنة وبين مصلحة الساحب في انقضاء الدعوى الجزائية المرفوعة ضده في حالة السداد.
وبهذه التعديلات تم تضييق إطار تجريم الشيك المرتجع من دون رصيد واقتصاره فقط على الحالات المرتبطة بسوء النية وبعض جرائم الشيك، وذلك لضمان تحقيق الأهداف المنشودة من رفع التجريم والاستعاضة عنه بالتدابير الوقائية، مع وضع عقوبات وبدائل رادعة للحد من الاستخدام السيئ للشيك.
كما تهدف هذه التعديلات إلى ضمان حقوق المستفيدين من الشيكات وحامليها، علاوة على استحصال قيمة الشيك بشكل أسرع وبطريقة أكثر فعالية تحدد من قبل المصرف المركزي، وفي نفس الوقت تشجع الجمهور على استخدام الوسائل التكنولوجية والرقمية الحديثة بدلاً من الشيكات الورقية التقليدية. كما أصبح الوفاء الجزئي لقيمة الشيك إلزامياً، فإذا كان مقابل الوفاء أقل من مبلغ الشيك، فعلى المسحوب عليه الوفاء الجزئي بالقدر الموجود لديه ما لم يرفض الحامل ذلك.
وبهذه المناسبة قدم معالي محافظ المصرف المركزي جزيل شكره وعظيم امتنانه لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، لإصداره هذا المرسوم بقانون، ولمجلس الوزراء الموقر الذي اعتمد التعديلات المشار إليها، وكذلك الجهات الأخرى المعنية التي ساهمت في مراجعة التعديلات، حيث إن هذه التعديلات تسهم في الارتقاء بالقوانين والأنظمة التجارية والمصرفية وتضع الدولة في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال.
التعليقات مغلقة.