الأمارات تتربع علي عرش الإستثمارات في إفريقيا وتتفوق علي منافسيها
شهدت خارطة الاستثمارات الأجنبية في القارة الإفريقية، الكثير من التغيرات الهيكلية خلال السنوات القليلة الماضية، وهذه التغيرات البالغة الأهمية، كانت عرابتها الإمارات، حيث كشف تقرير حديث لبلومبرغ أن الإمارات ومنذ تعهدها في عام 2021، بالتوسع بقوة في أسواق تتجاوز آفاقها المعتادة، قامت باستثمارات في اقتصادات إفريقيا، أكثر من أي دولة أخرى، وهذا ما جعلها تنافس لاعبين راسخين هناك مثل الصين وفرنسا.
الدور المتنامي والمهم الذي تلعبه الاستثمارات الإماراتية في إفريقيا، يأتي تنفيذاً للمسار الذي وضعته الدولة الخليجية، والذي رسّخ مكانتها كواحدة من بين الاقتصادات الأكثر تنافسية وتقدماً في العالم، اعتماداً على استراتيجيات مبتكرة، تستهدف دعم النمو والتنويع الاقتصادي وترى بلومبرغ، أن الإمارات قامت مؤخراً وعبر حكومتها وقطاعها الخاص، بإنقاذ الاقتصاد المصري من خلال صفقة بقيمة 35 مليار دولار، وهو رقم يمثل حوالي 7 بالمئة من الناتج الاقتصادي السنوي للدولة الخليجية، وهي ستكون على استعداد لاستثمار مبلغ مماثل في دولة إفريقية مختلفة، إذا ما أتيحت لها فرصة جديدة لتقديم نفسها، وفقاً لما نقلته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، عن مسؤول مطلع على خطة إنقاذ مصر طلب عدم الكشف عن هويته ووسعت خطة الإنقاذ المصرية الشهر الماضي استراتيجية الإمارات المتمثلة في توفير “شرايين حياة مالية” كبيرة للدول الإفريقية، بعد أن قدمت في السابق مساعدات للسودان وإثيوبيا، إلى جانب عشرات اتفاقيات الاستثمار التي تم إتمامها منذ عام 2019 مع دول أبعد، مثل زامبيا وزيمبابوي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك وفقاً لبلومبرغ.
وركزت الشركات التي تتخذ من الإمارات مقراً لها في المقام الأول، على الاقتصادات الأفضل نمواً في إفريقيا، حيث يعمل كل من البنية التحتية القوية والتوسع الاقتصادي، على زيادة الطلب على الطاقة، وفقاً لسانديل هلوفي، رئيس قطاع الحكومة والبنية التحتية في إرنست أند يونغ إفريقيا.
وتشمل هذه الدول مصر والمغرب وجنوب إفريقيا، وكينيا التي أصبحت في فبراير 2024 الدولة السادسة التي توقع اتفاقية تجارة حرة خاصة مع الإمارات، بعد الدول ذات الثقل الاقتصادي مثل الهند وإندونيسي
وبحسب الدكتور علي الأدريسي أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري،
“لمجلة أستثمارات الأماراتية ” فإن الإمارات وخلال السنوات الخمس المنصرمة، كانت تسير في خطة متزنة ما بين الاستثمار البيني الدولي والتجارة الدولية، وهذا ما جعلها تلعب دوراً بارزاً ومهماً في الاستثمارات الدولية وبشكل غير مسبوق، مشيراً إلى أن الإمارات تبحث في إفريقيا عن استثمارات ترتبط بمجالات الطاقة والهيدروجين الأخضر، والأمن الغذائي والثروة المعدنية، وذلك كي تساعدها نواتج هذه الاستثمارات في التفاعل مع الدول الصناعية الكبرى، والمناطق الصناعية الموجودة في كافة دول العالم، وبالتالي يمكن القول إن أسلوب الإمارات في التفكير، بات أسلوباً عالمياً وهذا ما سبقت فيه الدولة الخليجية دولاً كثيرة.
وكشف الأدريسي أن سبب بعد الاستثمار العربي عن المشهد الإفريقي في السنوات السابقة، كانت الصورة الذهنية التي بثها الاستعمار طيلة 300 عاماً عن القارة الإفريقية، والمتعلقة بالمخاوف والمخاطر التي تتحملها الاستثمارات في هذه القارة، ولكن الإمارات أدركت أن المخاطر ليست فعلاً بهذا الحجم، بل على العكس، إذ تبين أن هناك عوائد استثمارية واعدة، وخير دليل على ذلك هو حجم الاستثمارات الصينية والفرنسية والأميركية في تلك القارة.
وأكد الدكتور علي الأدريسي أن الاستثمارات الإماراتية في إفريقيا، تبحث عن استقرار سياسي، كتأمين دخول وخروج الأموال، وسهولة الحصول على تراخيص، وهذا ما وجدته الإمارات في مشروع رأس الحكمة في مصر، لافتاً إلى أن الإمارات ومن خلال المنظومة المتكاملة التي تمتلكها، يمكنها التفوق في استثماراتها الأفريقية على منافسيها مثل الصين وفرنسا
مجالات استثمارات الإمارات في إفريقي
وفي هذا الشأن يعرب ستاندرد بنك غروب، وهو أكبر بنك في إفريقيا من حيث الأصول، عن ثقته بأن الإمارات ستنمو لتصبح واحدة من أكبر مصادر الاستثمار الأجنبي في القارة الإفريقية، على مدى السنوات الخمس المقبلة، فمع تضاؤل التمويل الصيني للبنية التحتية، وتراجع المشاركة الغربية، اقترنت التدفقات النقدية لأبوظبي إلى القارة السمراء، بدفعة دبلوماسية منسقة، ما نقل طموحات الإمارات إلى كل ركن من أركان القارة، وبما هو أبعد من نطاق النفوذ التاريخي لدول الخليج في شمال إفريقيا.
وبحسب المحاضر في قضايا أمن الشرق الأوسط في كلية كينغز كوليدج في لندن، أندرياس كريج، فإن ما تسعى إليه الإمارات من خلال صفقاتها الاستثمارية في القارة الإفريقية هو محاولة وضع نفسها كبوابة إلى إفريقيا لروسيا والصين، وللدول الغربية أيضاً.
التعليقات مغلقة.