إنتقادات دولية لقرار تركي بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد.. وأنصار أردوغان يحتفلون
انتقدت اليونان بشدة قرار السلطات التركية إعادة تحويل معلم آيا صوفيا التاريخي في اسطنبول إلى مسجد، وسط انتقادات دولية كبيرة، حيث وصفته وزيرة الثقافة اليونانية، بأنه “استفزاز مفتوح للعالم المتحضر بأسره”.
وقالت وزارة الثقافة اليونانية يوم الجمعة إن حكما لمحكمة تركية مهد لتحويل متحف آيا صوفيا في اسطنبول إلى مسجد يمثل ”استفزازا صريحا“ للعالم المتحضر. وقالت وزيرة الثقافة لينا ميندوني في بيان “قرار اليوم، الذي جاء نتيجة الإرادة السياسية للرئيس (رجب طيب) أردوغان، استفزاز صريح للعالم المتحضر الذي يعترف بالقيمة الفريدة والطبيعة المسكونية لهذا المعلم الأثري”، حسبما أفادت وكالة رويترز.
وقالت الوزيرة إن اليونان لا تنوي التدخل في شؤون تركيا الداخلية، لكن آيا صوفيا تشكل معلما بالغ الأهمية بالنسبة للبشرية بأكملها.
وترتبط اليونان بروابط خاصة مع آيا صوفيا بما أن هذا المتحف كان أولا كنيسة شيدها البيزنطيون في القرن السادس وكانوا يتوجون أباطرتهم فيها.
وتابعت الوزيرة: “القومية التي يمارسها الرئيس أردوغان تدفع بلاده إلى الوراء ستة قرون”، مشددة على أن الحكم الذي أصدرته اليوم المحكمة الإدارية العليا التركية “يؤكد بوضوح غياب أي قضاء مستقل في البلاد”.
وجاء هذا البيان تعليقا على إصدار المحكمة الإدارية العليا التركية اليوم حكما تاريخيا بإلغاء قرار الحكومة عام 1934 الذي حول معلم آيا صوفيا التاريخي من مسجد إلى متحف.
وبحسب وسائل الإعلام التركية المحلية وقّع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، عصر اليوم الجمعة، على تنفيذ قرار مجلس الدولة القاضي بإلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1934 والذي كان يقضي بتحويل آيا صوفيا من “مسجد” إلى “متحف”، وأحاله بشكل مباشر إلى رئاسة الشؤون الدينية التركية لاتخاذ اللازم.
وعبرت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية عن أسفها لعدم إصغاء القضاء التركي إلى “مخاوف ملايين المسيحيين”. ونقلت وكالة الأنباء الروسية “إنترفاكس” عن المتحدث باسم الكنيسة فلاديمير ليغويدا قوله “نلاحظ أنه لم يتم الإصغاء إلى مخاوف ملايين المسيحيين”.
ونشرت الجريدة الرسمية التركية، اليوم الجمعة، حسبما نقلت وكالة الأنباء التركية الرسمية الأناضول، قرارا رئاسيا بشأن افتتاح “آيا صوفيا” للعبادة وتحويل إدارتها إلى رئاسة الشؤون الدينية، وذلك على الرغم الانتقادات الدولية التي تواجهها تركيا على خلفية القرار.
ويحتفل الأتراك في 29 أيار/مايو من كل عام بذكرى الاستيلاء العثماني على مدينة اسطنبول أو “فتح القسطنطينية”، على يد محمد الفاتح في عام 1453.
وبني “آيا صوفيا” الذي يعد أحد أشهر المعالم السياحية في تركيا، ككاتدرائية في القرن السادس الميلادي عند مدخل مضيق البوسفور في إسطنبول، لكنه تحول إلى مسجد في القرن الخامس عشر بعد دخول العثمانيين إلى إسطنبول التي كانت تعرف باسم القسطنطينية. وفي مارس/ آذار 2019، قال الرئيس أردوغان، إن تركيا تخطط “لإعادة آيا صوفيا إلى أصله، وليس جعله مجانيا فقط، وهذا يعني أنه لن يصبح متحفًا، وسيسمى مسجدًا”، حسبما ذكرت شبكة CNN الأمريكية.
ودعت الخارجية الأمريكية، تركيا، في وقت سابق، إلى الحفاظ على “آيا صوفيا” كمتحف في إسطنبول، وعدم تحويله إلى مسجد،.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في بيان، إن تركيا تدير “آيا صوفيا” كمتحف منذ نحو قرن من الزمان، لكنه أضاف “كمثال على احترام التقاليد الدينية للجمهورية التركية وللعصور المختلفة، ندعو حكومة تركيا إلى مواصلة الحفاظ على آيا صوفيا كمتحف، وضمان بقاء المكان متاحا للجميع”.
ومن جانبه، علّق الباحث في الشؤون الدولية والاستراتيجية الدكتور أنس القصاص على القرار التركي قائلا: “قرار الدولة التركية بتحويل آيا صوفيا من متحف لمسجد “خطوة مشينة” قصيرة النظر ستدفع فاتورتها من صورة الإسلام والمسلمين في الغرب الذين سينهش فيهم اليمين الديني والقومي في أوروبا وأمريكا تحديدا حتى الثمالة في وقت يحتاج فيه اليمين لما يعضده ويقوي من مواقفه بعد أن أثبت خيبات متتالية في السياسة الأوروبية والأمريكية.
واستكمل القصاص الذي عمل مستشارا بالأمم المتحدة: “أذكر أنه في 2016 كان لي ندوة حول الاسلاموفوبيا واستراتيجيات الأمن القومي الأوروبي وحذرت فيها من خطوة كتلك في تأجيج قلاقل تاريخية سيتمد ضررها لفترة طويلة. هل هذا ما يقدمه آل عثمان للدين والشريعة.. ألا لعن الله الآفاق الضيقة”.
وعلى الرغم من الخسائر البشرية التي يتعرض لها الجيش التركي مؤخرا وخاصة في ليبيا، اشعل أنصار أردوغان أجواء إنتصار احتفالية على تويتر، وتصدر هاشتاغ “AyasofyaCamii# مسجد آيا صوفيا”، اليوم الجمعة، قائمة الأكثر تداولا في “تويتر”، وذلك بعدما نشر رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، تغريدة باللغة العربية، هنأ فيها الشعب التركي والمسلمين جميعا، بإعادة آيا صوفيا مسجدا، قائلا: “نبارك لكم جامع آيا صوفيا”.
وهنأ رئيس الوزراء التركي السابق ورئيس حزب المستقبل “المعارض”، أحمد داوود أوغلو، بإعادة آيا صوفيا مسجدا. وقال داوود أوغلو في تغريدة، مساء اليوم الجمعة، إنه “وبعد أعوام من الاشتياق تم افتتاح آيا صوفيا للعبادة”، مشيدا بوقوف جميع الأحزاب التركية مع هذا القرار، قائلا إن “الموقف المسؤول للحكومة والمعارضة مثير للإعجاب”، على حد وصفه.
ولعله لم يجد غير الكتابة الساخرة للتعليق على “غزوة آيا صوفيا”، حيث كتب الباحث في الشأن التركي محمد حامد، قائلا على حسابه بموقع فيسبوك: “غزوة ايا صوفيا والقائد أردوغان 1441.. تحت شعار شأن داخلي تركي لا علاقة بمليار مسلم به”، واستكمل “موضوع ايا صوفيا يشبه توثيق نادي الزمالك في وزارة التموين، أمر عجيب يخرج ممن ليس عليهم حرج”، واضاف: “مجلس الدولة التركي الذي اصدر حكم تحويل آيا صوفيا.. أردوغان عين نصف اعضاءه وفق تعديلات دستور 2017”.
وبدوره، قال الباحث أحمد الباز، على حسابه على فيسبوك: “بائس ذلك المواطن العربي أو المسلم الذي يظن أن قرار الرئيس التركي بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد يأتي في إطار الدفاع عن الإسلام ورِفعته، ولا يعلم أن الرئيس التركي لا يتورع عن استخدام كل الادوات الممكنة عشان يرقي الأفيون بتاعه كلما كان ذلك ممكناً فيعجب الزبون العربي والمسلم فينسطل فياخد على قفاه.”
وتعليقا على القرار التركي المثير للجدل، قالت شبكة دويتشه فيله الألمانية: “بعد استيلاء العثمانيين على القسطنطينية في 1453، تمّ تحويلها إلى مسجد في 1453 ثم إلى متحف في 1935، بقرار من رئيس الجمهورية التركية الفتية حينذاك مصطفى كمال أتاتورك بهدف “إهدائها إلى الإنسانية”، في أعقاب التحوّل الكبير الذي طرأ على تركيا وانتقالها من امبراطورية خلافة إسلامية إلى دولة علمانية قومية. ووقع توتر بين أثينا وأنقرة على هذا الموضوع أكثر من مرة، خاصة بعد شروع السلطات التركية في قراءة القرآن ورفع الأذان في آيا صوفيا، ومن ذلك قراءة سورة الفتح في ذكرى فتح قسطنطينية.”
التعليقات مغلقة.