الإمارات تقود قطار التنمية المستدامة في الشرق الأوسط
خبراء لـ”استثمارات”:
الإمارات تقود قطار التنمية المستدامة في الشرق الأوسط
يوسف النعيمي:
- التنمية المستدامة في الإمارات ليست وليدة اليوم
- مساعدات إماراتية خارجية لإنشاء محطات طاقة شمسية للدول النامية
- التنوّع الاقتصادي ركيزة للتنمية المستدامة
عماد سعد
- التنمية المستدامة علامة فارقة بالإمارات
- الشيخ زايد أسس مفهوم الاستدامة قبل تأسيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة
- الاستدامة استثمار في المستقبلعادل بشناق:
- خطى ريادية لدولة الإمارات العربية المتحدة
- المؤتمر العالمي للمياه رؤية استشرافية للمستقبل
- حلول متكاملة للتنمية المستدامة وليست نظرة آنية
- أهمية توطين المعرفة في تقنيات الاستدامة تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الأكثر شحاً في الموارد الطبيعية ولا سيما المياه التي تعتبر ركيزة الحياة والعنصر الأثمن على الإطلاق، فضلاً على قلة الأراضي الصالحة للزراعة وقساوة المناخ، حيث شاءت الأقدار أن تقع الإمارات ضمن الحزام الصحراوي الأكثر جفافاً في العالم.وبما يلفت الانتباه أن الإمارات جعلت من قضية التنمية المستدامة كمفهوم راسخ وأولوية مطلقة وشعار عمل، قاعدة تنطلق منها كافة المؤسسات والدوائر الحكومية بالدولة، لتقود الإمارات بحكمة بالغة جهود دول منطقة الشرق الأوسط بما فيها الدول الغنية بالمياه والموارد الطبيعية.وعي متـأصل
- وقد استطلعت “استثمارات”آراء عدد من الخبراء والمسؤولين في ذلك الصدد:
- وإن كانت تلك المعطيات شكلت تحديات استطاع معها أبناء الدولة التأقلم معها ومسايرتها برؤية وحكمة، حفاظاً على الموارد المحدودة من الهدر، فإن مؤشرات ساطعة تبرز جلية في الأفق، تؤكد أن الإمارات التي لم يمضِ على نهضتها سوى عقود قلائل بدأت تستشعر مخاطر تلك التحديات خاصة مع تزايد مؤشرات النمو الديموغرافي، واتساع مؤشرات نمو الاقتصاد الوطني، الذي بات رغماً من جل تلك التحديات وافتقار الموارد الطبيعية اللازمة لتحقيق أي نهضة اقتصاداً مزدهراً. وتحوّلت الإمارات بفضل خطى ورؤى ثاقبة من قيادتها الرشيدة “حفظها الله تعالى” لدولة استطاعت بحرفية بالغة التعامل مع محدودية الموارد، وتأمين الاحتياجات اللازمة لتحقيق تلك الطفرة التنموية التي نالت إعجاب وتقدير العالم أجمع عبر حصادها المراكز الأولى.
- إعداد القسم التحريري لـ”استثمارات”:
يقول سعادة يوسف النعيمي، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة:”إن دولة الإمارات العربية المتحدة على الرغم من التحديات الهائلة التي ارتبطت بانخفاض معدَّلات استحواذها على الموارد الطبيعية والتي تعتبر الأقل عالمياً،إلا أنه منذ قديم الأزل كان هناك وعي متأصل لدى قيادتها وشيوخها وأبنائها، بأهمية التعامل بحكمة مع محدودية تلك الموارد عبر طرق تقليدية ولكنه في ظل تنامي معدَّلات النمو وتدفق الثروة البترولية فقد أسهم ذلك في تسخير تلك الموارد النفطية في تحقيق طفرة عمرانية هائلة، وخلق أيضاً المزيد من التحديات لمجابهة الطلب المتنامي على الموارد المائية المحدودة”.
التنوّع والاستدامة
ويؤكد النعيمي،أن الحديث عن التنمية المستدامة لا يقتصر فقط على التعامل بحكمة مع الموارد المحدودة وعلى صدارتها المياه، بل من خلال تحديد وصياغة طبيعة الممارسات أو الاستراتيجيات الاقتصادية والتنموية المتبعة، بما يخلق قدرة مستمرة على ضخ عوائد وقيم مضافة للاقتصاد الوطني.
وأضاف رئيس غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة،أن فلسفة التنوّع الاقتصادي للإمارات، وولوجها عبر مجالات اقتصادية وتنموية متعدّدة بما فيها مجالات الطاقة المتجدّدة على الرغم من ثرائها النفطي يدعم فلسفة الاستدامة الاقتصادية، حيث تُعد استثمارات الدولة في مجالات الطاقة المتجدّدة بل قيادتها مبادرات عالمية كجائزة الشيخ زايد للطاقة، وتشييد مشاريع كإنشاء محطات طاقة شمسية، ومحطات توليد الطاقة بالرياح في شكل مساعدات خارجية إماراتية، للدول النامية والمجتمعات الفقيرة، خير مثال على إدراك دولة الإمارات لمفاهيم التنمية المستدامة.
رؤية القيادة الرشيدة
وأشاد يوسف النعيمي، بجهود وفلسفة القيادة الرشيدة للإمارات وفلسفتها الراقية في تطبيق وترسيخ أفضل ممارسات التنمية المستدامة كثقافة وسلوكيات، لدى كافة مسؤولي الجهات والمؤسسات بالدولة، فضلاً على كونها باتت سلوكاً شخصياً لكافة المقيمين والمواطنين بالدولة، كنشر تطبيقات البناء الأخضر وتعزيز مبادرات المسؤولية الاجتماعية تجاه كافة ممارسات التنمية المستدامة، وعلى سبيل المثال اختيار نوع الزراعات، وأنظمة الري، وإعادة تدوير المياه المستهلكة، والحد من الإسراف في استهلاك الطاقة.
استثمار المستقبل
ويؤكد الدكتورعماد سعد،استشاري التنمية المستدامة ومدير عام مجموعة نايا للتميز، أن التنمية المستدامة هي التسمية التي باتت تٌطلَق على دمج الاعتبارات البيئية بالتخطيط التنموي من أجل رفاه الإنسان وجودة وتلبية متطلبات حياته. ولهذه التنمية أبعاد ثلاثة: (النموّ الاقتصادي، التطوّر الاجتماعي، وحماية البيئة). فالاستدامة بوجه عام لا تشكل عبئاً على الحكومات والشركات الخاصة، لأنه استثمار في المستقبل عبر تمكين كافة الأطراف ذات العلاقة،ولأن الاستدامة تعتبر أحد مؤشرات التنافسية الدولية.
ريادة الإمارات
ويرى عماد سعد، أنه حينما يحين الحديث عن إنجازات الإمارات على صعيد التنمية المستدامة، فلابد من القول إنها استشرفت المستقبل منذ وقت مبكر، آخذة بعين الاعتبار النموّ الاقتصادي، والتطوّر الاجتماعي، وحماية البيئة، حيث وضعت منذ تأسيسها نصب عينيها تطبيق نهج الاستدامة في خططتها الاستراتيجية.
رؤية القيادة
ويضيف سعد، ولو نظرنا إلى الفكر المسؤول لدى قيادة الإمارات الرشيدة “حفظها الله تعالى”، لوجدنا أن الاستدامة تعتبر محوراًأساسياًفي كافة الخطب والمواقف والإنجازات على مختلف الصُّعد، حيث يقول المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة”طيب الله ثراه”: “لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض، وتعايشوا مع بيئتها في البر والبحر، وأدركوا بالفطرة والحس المرهف الحاجة للمحافظة عليها، وأن يأخذوا منها قدر احتياجهم فقط، ويتركوا فيها، ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدراً للخير ونبعاً للعطاء” مؤسساً لمفهوم الاستدامة قبل تأسيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
كما يرى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، “أن التنمية المستدامة واجب وطني وليست ترفاً فكرياً، وأنالاقتصاد الأخضر مكونٌ أساسي من مكونات الفكر الاستراتيجي للدولة، وهذا ما نصت عليه بوضوح “رؤية الإمارات 2021″، و”أن خير الشعوب واستقرارها يتحققان في التركيز على التنمية المستدامة، ولا شيء غير التنمية المستدامة”.
ويشير الخبير البيئي الدكتور عماد سعد لمقولة، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي “رعاه الله”، “أن الإمارات تركز على الاستثمار في البشر قبل الحجر لتحقيق التنمية المستدامة”.
علامة فارقة
وأكد سعد، أن التنمية المستدامة أصبحت علامة فارقة في الإمارات ومنهجاً إدارياً مسؤولاً يتقاطع مع كافة الاختصاصات في الحياة العامة والخاصة للمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة والجمعيات ذات النفع العام وحتى الأفراد.
فدولة الإمارات العربية المتحدة وفرت البنية التحتية لنمو ثقافة مسؤولة ومستدامة بين كافة قطاعات المجتمع على قاعدة الشراكة بالمسؤولية، لأن الاستثمار المعرفي يعتبر من أهم أنواع الاستثمار، لأنه من الأصول المجتمعية لتحقيق التنمية المستدامة بالمجتمع.
كادر/// يتم نشر تلك الجزئية في بوكس خاصبعنوان
القيمة المضافة لتطبيقات الاستدامة
ويستشهد الخبير البيئي عماد سعد، بمثال يوضح أهمية تطبيق ممارسات التنمية المستدامة، حيث أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة بالإمارات مبادرة “التطبيقات الخضراء”،والتي هدفت لترشيد استهلاك الطاقة والماء في المباني الحكومية، والعمل على خفض البصمة الكربونية الناتجة من المباني الحكومية بالإمارات.
كما تستهدف المبادرة تحقيق خفض في استهلاك الطاقة الكهربائية في المباني الحكومية، بنسب مقاربة للخفض الذي تم تحقيقه في مبنى الوزارة. كما نوه عماد سعدلقياموزارة التغير المناخي والبيئة نهاية عام 2009 بإعادة تصميم مقرها في دبي، من خلال استخدام تقنيات حديثة لترشيد استهلاك الطاقة والمياه، حيث أسفر ذلك عن:خفض استهلاك المياه بنسبة 44% + خفض استهلاك الكهرباء بنسبة 24%، + خفض الانبعاثات الكربونية السنوية بنسبة 24% للمبنى (من 908 أطنانإلى 691 طناً). مضيفاً، بأنه وفقاً لبيانات وزارة المالية، فإن فاتورة استهلاك الكهرباء في المؤسسات الحكومية بلغت حوالي 303 ملايين درهم، فيما بلغت فاتورة استهلاك المياه حوالي 100 مليون درهم عام 2009، وبتطبيق نفس التقنيات التي استخدمتها الوزارة لخفض الاستهلاك والانبعاثات، مما يعني بأن هناك إمكانية لخفض فاتورة الكهرباء بأكثر من 72 مليون درهم، وخفض فاتورة المياه بحوالي 44 مليون درهم.
|
حلول متكاملة
من جهة أخرى يرى الدكتور عادل بشناق، الخبير المائي عضو مجلس المحافظين للمجلس العربي للمياه، ورئيس مجموعة بوشناق للمياه، بالمملكة العربية السعودية،أن الإمارات رائدة في كونها تطبق حلولاً متكاملة للتنمية المستدامة، وليست نظرة آنية عاجلة، وهذه مؤشرات جيدة، وهذا ينعكس على تطبيق المفهوم الحقيقي للاستدامة، لأن الاستدامة ليست بيئية فقطأو اقتصادية فقط، بل هي في المقام الأوّل استدامة مائية، حيث إن المياهأهم ثروة وأندر مورد لضمان استمرارية الحياة.
فجوة مائية
وأشار بوشناق إلى أن العديد من دول الشرق الأوسط لديها فجوة كبيرة في الأمن المائي، وذلك بسبب وجود مركزية كبيرة في إدارة شؤون المياه في تلك الدول، فيما أن الإمارات حققت إنجازات جوهرية في التعامل مع مفاهيم إدارة ذلك العنصر، تتمثل في تقليل هامش المركزية، حيث تم السماح بإدارة قطاع المياه عبر شركات تديره كنوع من الخصخصة، وهذه من مزايا الاستدامة المائية، حيث يجب اختيار الشركات التي تحقق أهداف التنمية،وفقاً لميزة المقدرة الإدارية، وليس إرساء المناقصات عليها لأنها تقدِّم فقط السعر،ولأنها في تلك الحالة تكون تكلفة بناء وليست تكلفة تنمية.
مخرجات بحثية
وقال بوشناق:”إن جهود الإمارات مميزة على صعيد تطبيق مفاهيم الاستدامة المائية،إذ يوجد مركز الزراعة الملحية في إمارة دبي، حيث يؤمل أن يكون له دور كبير على صعيد الأبحاث المتعلقة بتحسين استغلال المياه الملاحة في إنتاج الغذاء والزراعة، لاسيما، تقديم توصيات بحثية في كيفية استخدام مياه البحر أو حتى البخار الناتج من مياه البحر لري النخيل أو ري المزروعات التقليدية التي تتحمل ملوحة عالية”.
توطين المعرفة
كما أكد بوشناق، على أهمية مسارعة الإمارات وباقي دول الخليج التي تسارع لتطبيق تقنيات التنمية المستدامة لتوطين تقنيات ومعارف الاستدامة، لأهمية صقل مهارات المواطنين ومكتسباتهم ودعم معارفهم وخبراتهم في كافة ميادين التنمية المستدامة، وخلق فرص عمل وتدريب أبناء الدولة.
التعليقات مغلقة.