%88 حصة الشركات الإماراتية من الاستثمارات الخليجية في أفريقيا

كشف تقرير أصدرته غرفة دبي بالتعاون مع الإيكونومست، فرص الأعمال المتاحة بين دول أفريقيا جنوب الصحراء ودول مجلس التعاون الخليجي في فترة ما بعد كوفيد-19، وآفاق التعاون الاستثماري والتجاري، وذلك على هامش استعدادات الغرفة لتنظيم الدورة السادسة من المنتدى العالمي الأفريقي للأعمال بالتعاون مع إكسبو 2020 دبي خلال الفترة 13-14 أكتوبر الجاري.

ولفت التقرير أن الشركات الخليجية استثمرت أكثر من 1.2 مليار دولار في أفريقيا جنوب الصحراء خلال الفترة من يناير 2016 وحتى يوليو 2021، خصوصاً في قطاعات النقل والخدمات اللوجستية والأغذية والمشروبات والخدمات المالية والضيافة، في حين أن 88% من هذه الاستثمارات مصدرها الشركات الإماراتية.

ويستند التقرير الذي يحمل عنوان «الاستفادة من الفرص: تعميق الروابط التجارية والاستثمارية بين دول أفريقيا جنوب الصحراء ودول مجلس التعاون الخليجي» إلى دراسة استقصائية شملت 200 من كبار المدراء التنفيذيين في عدد كبير من القطاعات الرئيسة في أفريقيا جنوب الصحراء، ويركز على رصد أداء الشركات أثناء الجائحة، واستجاباتهم للتحديات، ومشهد العمل وآفاقه بعد الجائحة، وفرص التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي.

ويسلط التقرير الضوء على الفوائد التي تنتظر أفريقيا إذا عملت البلدان في جميع أنحاء القارة على تنمية العلاقات مع المناطق الأخرى للاستثمار في الأعمال التجارية والبنية التحتية الأفريقية، وفتح أسواقها أمام المنتجات والخدمات الأفريقية. كما يبحث التقرير أيضاً في فرص أفريقيا لتعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، ومع الإمارات العربية المتحدة ودبي على وجه التحديد.

خلاصات رئيسية

وخلص التقرير إلى 4 خلاصات رئيسية أبرزها وجوب قيام أفريقيا بتوفير الأساسيات بما في ذلك التشريعات والأنظمة والبنية التحتية لتعزيز النمو في القطاعات الرئيسة، وكون الاقتصاد الرقمي مكوّناً أساسياً للنمو في أفريقيا، والدور الذي يمكن لدول الخليج العربي لعبه في دعم أفريقيا في سد العجز وتوفير النواقص في البنية التحتية الأساسية بالإضافة إلى مساهمة الشركات الأفريقية في دعم الاقتصادات الخليجية والتوسع فيها.

وفي هذا السياق، قال حمد مبارك بوعميم، مدير عام غرفة دبي: «تتمتع دبي والإمارات العربية المتحدة بعلاقات راسخة وقديمة مع أفريقيا، وتعززت هذه العلاقة بشكل أكبر عبر السنين. وتعد أفريقيا أحد أكبر شركائنا التجاريين، وتمثل عنصراً أساسياً لنمونا الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، استطاعت دبي تعزيز مكانتها وجهة مفضلة للشركات الأفريقية ومنصة انطلاق للشركات التي تتطلع إلى التوسع خارج القارة والوصول إلى الأسواق العالمية. ويشكل توفير المعلومات والدراسات الدقيقة حول الأسواق الناشئة جزءاً من جهودنا لتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية لمجتمع الأعمال في دبي».

بناء العمود الفقري للأعمال

أوصت نتائج التقرير بضرورة العمل على بناء هيكلية جديدة للأعمال تؤمن أساسيات العمل الاقتصادي للأسواق الأفريقية من توفير للتشريعات الناظمة لعمل القطاعات الاقتصادية التي تسهم في توجيه عجلة الاقتصاد نحو تحقيق أهداف استراتيجية مستدامة إضافة إلى وجود البنية التحتية اللازمة لنمو وازدهار الأعمال، حيث أكد التقرير أن 59% من المسؤولين التنفيذيين يواجهون عوائق تتعلق بعدم كفاءة التشريعات ومواكبتها للمتغيرات الاقتصادية إضافةً إلى وجود نقص حاد في المرافق العام والقدرة الضعيفة لشبكة الطرق على ربط الموردين والصناعيين بالمراكز التجارية وضعف في البنية التحتية الرقمية. ما يستدعي تدخل كل الأطراف المعنية لوضع خطط مدروسة تعالج هذه المشكلات وتبني بداية لنهضة اقتصادية جديدة.

الاقتصاد الرقمي، المحرك الجديد لدفع عجلة النمو في أفريقيا

تُشير الدراسات إلى دعم مالي منقطع النظير لقطاع الاقتصاد الرقمي وفي مقدمته التكنولوجيا المالية، حيث أضحى مشهد التكنولوجيا المالية في أفريقيا مزدهراً بفضل الدعم المالي الذي وصل إلى أكثر من 330 مليون دولار خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بـ107 ملايين دولار خلال عام 2019، ما يؤكد الاهتمام الكبير من المستثمرين في اعتماد حلول مالية متقدمة لدفع عجلة النمو في أفريقيا. وأظهرت النتائج التي بينها التقرير إلى أن 35% من المسؤولين التنفيذيين في أفريقيا سيستخدمون وسائط إلكترونية لتلقي إيراداتهم، ما يمثل فرصة مثالية لرواد الأعمال في أفريقيا للاستفادة من التجربة الإماراتية التي حققت نتائج باهرة في قطاع المدفوعات الرقمية مدفوعةً بالتوجيهات الحكومية الرشيدة ببناء اقتصاد رقمي متكامل.

الإمارات ودول الخليج تقدم حلولاً متكاملة لبناء منظومة اقتصادية أفريقية

تزخر الإمارات العربية المتحدة بإمكانيات اقتصادية هائلة تفتقر لها نظيرتها الأفريقية ما يؤكد الدور الحيوي لدول الخليج عموماً في المساهمة في النهضة الاقتصادية في أفريقيا. ويبرز دور الشركات الإماراتية في دعم البنية التحتية للأسواق الأفريقية من خلال مجموعة «دي بي وورلد». كما تعمل منذ سنوات كل من شركتي اتصالات الإماراتية والاتصالات السعودية في الأسواق الأفريقية على تقوية البنية التحتية للاتصالات في أفريقيا.

الشركات الأفريقية قادرة على ترك بصمة في الاقتصاد الخليجي

يبرز دور الشركات الأفريقية في أنشطتهم التجارية والخدمية في منطقة الخليج العربي، ولعل أبرز تلك الشركات مجموعة ميديكلينيك إنترناشونال التي وسعت من خدماتها في دولة الإمارات وأثبتت جدارتها في دعم القطاع الصحي عبر إدارة منشآت الرعاية الصحية العامة والخاصة في دبي منذ عام 2007. كما يمكن للشركات التي تعمل في مجال التغذية دخول الأسواق الخليجية، حيث تؤكد الدراسات وجود فرص استثمارية تمكن الشركات الأفريقية للعب دور محوري في دعم الأمن الغذائي في المنطقة.

القطاعات الضرورية للنمو الأفريقي

حدد التقرير مجموعة من القطاعات التي ستكون ضرورية للنمو الأفريقي. ومن المتوقع أن تشهد هذه القطاعات نمواً كبيراً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ومن المتوقع أن ترتفع الإيرادات إلى حد كبير في عام 2022. ويتصدر قطاع التقنيات المالية القطاعات التي حددها التقرير وذلك بحسب آراء 90% من المدراء التنفيذيين الذين يتطلعون إلى أن يبدأ هذا النمو في عام 2022، يليه مباشرة قطاع الرعاية الصحية بنسبة 89%، وقطاع الزراعة والأغذية بـ87%، وقطاع تجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية بنسبة 74%.

وبالفعل فقد زاد تمويل شركات التكنولوجيا المالية في أفريقيا من 107 ملايين دولار أمريكي في عام 2019 إلى 160 مليون دولار أمريكي في عام 2020. وفي النصف الأول من عام 2021، تضاعف الرقم إلى ما يقدر بنحو 330 مليون دولار أمريكي. واستحوذت نيجيريا وحدها على نصف الاستثمار في التكنولوجيا المالية منذ عام 2015، تلتها جنوب أفريقيا التي تجتذب ربع إجمالي الاستثمارات، وكينيا التي تستقطب عشر تلك الاستثمارات.

ويشهد قطاع الرعاية الصحية تعافياً كبيراً بعد التحديات التي فرضتها الجائحة بفضل اعتماده على تقنيات متقدمة، مثل التقنيات الطبية الخاصة بالتشخيص عن بعد، والأتمتة لتحسين قدرات المعالجة؛ وذلك بحسب 71% من الذين شاركوا في الدراسة في قطاع الرعاية الصحية. ويعتقد المشاركون في الدارسة أن التحول الرقمي المتسارع سيؤدي أيضاً إلى النمو المستقبلي في هذا القطاع.

ويجد المستثمرون قطاع الزراعة والغذاء جذاباً ليس فقط بسبب آفاق الصادرات، ولكن أيضاً بسبب الاستهلاك المحلي القوي، وذلك وفقاً لمسؤولين تنفيذيين من القطاع، حيث حذر 40% منهم من أن ضعف البنية التحتية هو أكبر عائق أمام النمو المستقبلي، في الوقت الذي يعتمد فيه أكثر من 75% من المزارعين في المنطقة بشكل أساسي على الأدوات اليدوية بدلاً من الآلات مثل الجرارات. ومن المقرر أن توفر منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية إمكانات كبيرة لزيادة التجارة الزراعية بين البلدان الأفريقية في السنوات والعقود القادمة.

بالنسبة لتجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية، فقد شهدت أفريقيا ذات الاتجاهات التي شوهدت في جميع أنحاء العالم مع تحول المستهلكين إلى قنوات التسوق عبر الإنترنت. وسجلت منصة جوميا الرائدة في التجارة الإلكترونية في المنطقة زيادة في الأرباح بنسبة 38% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2020. ويشير أكثر من نصف المدراء التنفيذيين 52% في هذا القطاع إلى التبني السريع للتقنيات الرقمية بصفته المحرك الرئيسي لنمو هذا القطاع في المستقبل، وإلى القوانين المرهقة والبيروقراطية بصفتها التحديات الرئيسة لهذا النمو، وذلك وفقاً لما يقرب من ثلثيهم 61%.

تأسيس الأعمال بين أفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي

تكشف العلاقات التجارية بين المنطقتين عن فرص غير مستغلة، حيث تعتمد كل منطقة على الأخرى اعتماداً أساسياً في منتجاتها الرئيسة. فقد شكل النفط والبتروكيماويات أعلى صادرات دول مجلس التعاون الخليجي إلى أفريقيا، حيث بلغت نسبتهما 24% و16% على التوالي في الفترة بين عامي 2016-2020. وفي الوقت نفسه يهيمن الذهب والألماس على واردات دول مجلس التعاون الخليجي من أفريقيا، حيث شكلت 62% من إجمالي الواردات في الفترة نفسها، تلاها النحاس بنسبة 8%.

وكشف التقرير أن الشركات في أفريقيا جنوب الصحراء تعتمد على دول مجلس التعاون الخليجي في المقام الأول في مجال نقل المعارف والخبرات والاستثمار. ويتجلى حضور دول مجلس التعاون الخليجي في أفريقيا جنوب الصحراء بشكل أكثر وضوحاً في مجال الخدمات اللوجستية والبنية التحتية، وتجارة التجزئة، والطاقة المتجددة، والتجارة الإلكترونية. ومن جانب آخر، تستثمر الشركات الخاصة والاستثمارية في دول مجلس التعاون الخليجي بنشاط في قطاعات مثل التكنولوجيا المالية والتعليم والنقل التشاركي.

أما بالنسبة لعلاقة أفريقيا جنوب الصحراء مع دول مجلس التعاون الخليجي، فتظهر القطاعات الصناعية والزراعية من بين الأكثر حضوراً في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي. ومن القطاعات الحيوية الأخرى التي تتمتع بوجود أفريقي في مجلس التعاون الخليجي هو قطاع الرعاية الصحية، حيث يشير النجاح الكبير لسلاسل الرعاية الصحية مثل ميديكلينيك من جنوب أفريقيا إلى إمكانية التوسع الإضافي للأعمال الأفريقية في دول مجلس التعاون الخليجي.

الطريق إلى الأمام: تعميق العلاقات

سلط التقرير الضوء على إشارات قوية من قبل المديرين التنفيذيين الأفارقة واهتمامهم الانخراط بتعاون أكبر مع دول مجلس التعاون الخليجي. فهم يرون المنطقة أكثر من مجرد مورد للمنتجات البترولية، وأنها مستثمر مهم في القطاعات الناشئة ومصدر للمعارف والخبرات فيما يتعلق بتطوير البنية التحتية.

وأشار المشاركون الأفارقة في الدراسة إلى فرص الاقتصاد الإسلامي 27%، ووسائل النقل والخدمات اللوجستية القوية بين المنطقتين 19% والوصول إلى التمويل المحلي 19% بصفتها أهم الأسباب التي تجعل من دول مجلس التعاون الخليجي جذابة بالنسبة إليهم.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد